الثلاثاء، 19 يناير 2016

أركان القرار الإداري

أركان القرار الإداريمن أهم العناصر التي يجب توفرها في القرارات الإدارية نجد خمسة أركان أساسية وهي: الاختصاص والسبب والشكل والمحل والغاية.
1-    الاختصاص :
يقصد بالاختصاص أن يتم إصدار القرار الإداري عن سلطة إدارية مختصة، سواء كانت مركزية أو لامركزية والاختصاص في القانون العام هو سلطة القيام بعمل قانوني .
ويقصد بالاختصاص كذلك القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة من الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانونا على وجه يعتد به.
وبهذا المعنى فالاختصاص يؤطر أو يحد من سلطة الإدارة داخل مجال جغرافي أو زماني معين، إذ لا يجوز لسلطة إدارية أن تتجاوز اختصاصاتها أو تحل محل سلطة إدارية أخرى كأن تقوم الإدارة بالتشريع بدل البرلمان، أو أن تتجاوز اختصاصاتها لتقضي في المنازعات.
وتقوم فكرة الاختصاص على أساس صدور القرارات الإدارية من الشخص المختص قانونا بإصدار القرار لا من أي شخص آخر، وذلك طبقا لمبدأ التخصيص.
وعلى العموم فالاختصاص يحدد في ثلاثة مستويات أساسية وهي: قواعد الاختصاص من حيث الموضوع، وقواعد الاختصاص من حيث المكان، قواعد الاختصاص من حيث الزمان.
*
فمن حيث الموضوع: فكل سلطة من سلط الدولة لا تؤهل للعمل إلا في ميدان معين، ويعني هذا تحديد الموضوعات التي يجوز لجهة معينة اتخاذ القرار بشأنها، سواء كانت هيئة مركزية أو لامركزية أن تحترم حدود الاختصاص المرسومة لها ولا يجوز لها أن تتجاوزها. فوزارة الداخلية مثلا لا يجوز لها أن تتخذ قرار يدخل ضمن اختصاص وزارة المالية، كما أنه في حالة ما إذا تعدت جهة إدارية على جهة أخرى أو تجاوزت حدود اختصاصاتها، تحقق عيب عدم الاختصاص، ويكون هذا الاعتداء إما من جهة إدارية مساوية للجهة التي ثم التعدي عنها، أو من جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة إدارية عليا، أو من جهة إدارية عليا على اختصاص جهة إدارية أدنى منها أو العكس .
وفي حالة عدم التقيد بهذه القاعدة –الاختصاص- فإن القرار الذي تصدره الجهة الإدارية غير المختصة يكون معيبا أو معدوما، ويعتبر هذا الاختصاص (المادي- أو الموضوعي) الذي يحد من عمل الإدارة حماية لها في نفس الوقت من تدخل سلط مختلفة في عملها.
وإذا كان هذا هو المبدأ الذي يتم التعامل به في مختلف الإدارات المركزية أو المحلية، فهذا لا يتنافى مع تفويض الاختصاص إلى جهة إدارية معينة، شريطة أن يكون هذا التفويض مقررا بقانون أو بنص عام.
ويتجلى تفويض الاختصاص في أن تعهد السلطة المفوضة إلى السلطة المفوض لها بجزء من اختصاصاتها وهذا ما نجده معمولا به في المغرب إذ أن الملك يعين رئيس الحكومة بموجب ظهير ليتولى الإشراف عن هذه الأخيرة، ورئيس الحكومة بدوره، وطبقا لما جاء في الفصل 90 من الدستور الحالي (2011) "يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء". وبهذا يكتسي تفويض الاختصاص صبغة مستمرة ويبقى معمولا به ما لم يقع سحبه مع العلم أن المفوض لا يجوز له خلال مجموع هذه المدة ممارسة الاختصاصات المفوضة من طرفه للغير. أما الأعمال التي يقوم بها المفوض له في دائرة التفويض فتبقى مرتبطة به وتحتل في تدرج الأعمال مكانة تطابق مكانة المفوض له,  والتفويض دائما جائزا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك مع العلم أن تفويض الاختصاص له عدة شروط من بينها ألا يتم إلا بمقتضى القانون وأن يكون جزئيا لا كليا وأن يكون للمفوض حق استرجاع السلطة التي فوضها في أي وقت شاء.
*
الاختصاص الزمني: ويتمثل الاختصاص الزماني في تحديد الفترة الزمنية التي لا يجوز خلالها اتخاذ القرار الإداري، ويتم ذلك من خلال تحديد فترة زمنية معينة يكون لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيها، ويعني ذلك أن لا تتخذ السلطة الإدارية قرار إلا خلال المدة التي تزاول فيها عملها الشيء الذي يمنع معه على سبيل المثال اتخاذ قرارات سابقة لأوانها أو قرارات ذات أثر رجعي. كما لا يسوغ للإدارة اتخاذ قرار إلا خلال مدة مزاولة مهامها، أي ابتداء من تعيينهم أو تكليفهم إلى حين إعفائهم.
كما أن قاعدة الاختصاص الزمني للقرارات الإدارية لا تقتصر على حالة تحديد مدة معينة لمزاولة السلطة وإنما تثور بالنسبة للحالات الأخرى غير المقيدة بمدى زمني معين، فالإدارة لها سلطة تقديرية في اختيار وقت تدخلها، واتخاذ القرارات التي تندرج في نطاق اختصاصاتها، على أن قاعدة الاختصاص من حيث الزمان تخضع لرقابة القضاء من حيث التعويض والإلغاء إذا ما شابها عيب، ومما يعرض أيضا في هذا الصدد حكم أعمال الحكومة المقالة، فالقاعدة المسلم بها أنه بمجرد قبول استقالة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، أنه لا يملك الوزراء المستقلون إلا تصريف الأمور الجارية وكل قرار يصدر على خلاف ذلك يعد بمثابة اعتداء على سلطات الخلف( )، والاختصاص الزمني يعتبر من بين القواعد التي يخضع لها ركن الاختصاص وذلك لضمان استقرار العمل الإداري بحيث أن هذا المبدأ يؤدي بصفة أو بأخرى إلى عدم صدور قرار إداري من جهة إدارية تشرع للماضي أو للمستقبل.
*
الاختصاص المكاني أو الترابي : فالأشخاص الذين يملكون سلطة اتخاذ القرار ليسوا على درجة واحدة من حيث ولايتهم الإقليمية، فهناك من تمتد ولايته لتشمل كل إقليم الدولة كما هو الشأن بالنسبة للمصالح الوزارية والبعض الآخر يتحدد نطاق اختصاصه داخل رقعة جغرافية محددة كما هو الشأن بالنسبة لرئيس الجماعة الترابية أو الوالي أو العامل...
فالوالي مثلا ينحصر اختصاصه المكاني في نطاق ولايته فقط، فإذا أصدر قرارا إداريا من اختصاص والي إقليم آخر فإنه يكون قرارا معيبا بعيب عدم الاختصاص المكاني ويحق الطعن فيه بالإلغاء.
وتجدر الإشارة إلى أن حالات عدم الاختصاص المكاني قليلة جدا وذلك راجع إلى أن الحدود الترابية والمكانية غالبا ما تكون محددة بدقة( )، كما أن قواعد الاختصاص كما هو مبين أعلاه تعتبر من بين القواعد المؤطرة للقرار الإداري علما أن عدم الاختصاص قد يكون عيبا جسيما أو بسيطا، فهذا الأخير يقع في الحالات التي يتم فيها إصدار قرار إداري من سلطة إدارية إما أدنى درجة أو أعلى درجة لكن لا يمنحها القانون سلطة إصدار القرار، أما العيب الجسيم فيحدث غالبا في حالات اغتصاب السلطة التي تتجلى في صدور قرار إداري من جهة ليست بجهة إدارية أصلا... 
2-    الشكل:
المقصود هنا بالشكل الصورة التي يتخذ فيها القرار، أو المظهر الخارجي، أو الإجراءات التي تعبر بها الإدارة عن إرادتها الملزمة للأفراد، سواء كان ذلك بصورة كتابية أو شفوية، صريحة أو ضمنية... ونعني بالشكل كذلك مجموعة القواعد الإجرائية والشكلية التي أوجب القانون على رجل الإدارة مراعاتها قبل إصدار القرار الإداري.
فشكل القرار هو الإطار الخارجي الذي يصدر به القرار أو القالب الذي تعبر به الإدارة عن إرادتها أو هو المظهر الخارجي للقرار الإداري، أما الإجراءات فهي الخطوات التي يجب أن يمر بها القرار في مرحلة إعداده وقبل صدوره بصفة نهائية.
والأصل أن القرار الإداري لا يخضع لشكل معين إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، أو إذا جرى العرف على أن يكون اتخاذ القرار كتابة. وفي هذه الحالة يجب أن يتضمن القرار تاريخ اتخاذه وتوقيع متخذيه زيادة على ذلك فالاجتهاد القضائي بفرنسا، استقر على أن الإدارة غير مقيدة بشكل معين للإفصاح عن إرادتها ما لم يلزمها القانون بذلك، كما أن الأوامر الإدارية ليست لها أشكال ولا أنواع تحصرها.
وكقاعدة عامة تبقى السلطة التقديرية للإدارة، وفي اختيار الشكل المناسب للقرار الإداري ولا يمكن للقضاء تحديد شكل القرار الإداري إلا إذا كان هناك نص قانوني يزكي ذلك.
وبالإضافة إلى الأشكال التي تم بيانها، هناك صور أخرى لاتخاذ القرارات الإدارية تبعا للظروف والمواضيع التي تتناولها القرارات الإدارية، إذ يمكن اتخاذ هذه الأخيرة عن طريق التلغراف، وقد يشار إلى القرار الإداري بالإشارة أو العلامة كما هو حال إشارات السير والأشغال، وإشارات رجل الشرطة، أو أن تتخذ عن طريق مراسيم ملكية أو قرارات تصدر عن رئيس الجمهورية، أو قرارات تصدر عن مجلس الوزراء أو رئيس مؤسسة عمومية، أو غيرها من الهيئات التي تملك سلطة اتخاذ القرارات وفقا لقوانين الدولة، كما أن القرار يمكن أن يكون ايجابيا كمنح رخصة أو سلبيا بالامتناع عن الترخيص. وعموما فمن حيث الشكل فالقرارات الإدارية مبدئيا لا تتقيد بإجراءات معينة فهي تعبير عن الإرادة المنفردة للإدارة بما لها من سلطة لذلك، لكن في بعض الأحيان قد يلزمها القانون ببعض الشكليات بحيث يفرض على الإدارة تعليل مختلف القرارات التي تتبناها وذلك بغية اتخاذ قرار سليم لا يمس حقوق وحريات الأفراد. 
3-    السبب :
يقصد بالسبب الهاجس الذي دفع الإدارة لاتخاذ قرارها، أو إصدار قرار ما بشأن نازلة معينة فالسبب هو عنصر خارجي سابق على صدور القرار، وهو الدافع لاتخاذ السلطة المختص لقرارها، وقد يتخذ القرار بناء على حالة واقعية، كحدوث اضطرابات اجتماعية أو مظاهرات تدفع الإدارة إلى إصدار قرار بقمع تلك المظاهرة بالقوة، أو بناء على حالة قانونية كشغور منصب وظيفي معين يدفع الإدارة إلى إصدار قرار بتعيين موظف في المنصب الشاغر.
ومن أهم الشروط التي يجب مراعاتها في ركن السبب اشترط الفقه والقضاء الإداريين مجموعة من الشروط التالية: 
-
أن يكون السبب مشروعا: ويعني ذلك أن تكون الواقعة التي يستند إليها مصدر القرار الإداري مشروعة لا تخالف القوانين والأنظمة السارية المفعول.
- أن يكون السبب صحيحا وحقيقيا لا وهميا ومستخلصا من أصول ثابتة أي أن يكون له وجود مادي أو فعلي وقت إصدار القرار.
- أن يكون السبب مبني على تكييف قانوني سليم.
- أن يتناسب السبب مع محل القرار ومعنى ذلك أن تتخذ الإدارة قراراتها بما يتفق والواقعة، فلا يجوز مثلا طرد موظف لمجرد أنه تأخر لمدة خمسة دقائق.
لذلك فالسبب باعتباره ركنا من أركان القرار الإداري فهو يجب أن يكون مشروعا حيث أن عدم إثبات ذلك في النازلة يجعل القرار المطعون فيه مشوبا بعيب انعدام السبب وهو المبرر لإلغائه.
4-    المحل:
يقصد بالمحل في القرار الإداري، الأثر القانوني الذي يترتب عليه ، ويقصد به كذلك الأثر الحال والمباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه.
ويجب أن يكون محل القرار ممكنا وجائزا من الناحية القانونية فإذا كان القرار معيبا في فحواه أو مضمونه، فإن آثاره تكون غير جائزة أو مخالفة للقانون. أيا كان مصدره، ففي هذه الحالات يكون القرار غير مشروعا ويكون بالتالي باطلا.
ومن جهة أخرى فمحل القرار الإداري يسعى إلى إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني.
- فإذا كان محل القرار منشأ لمركز قانوني، كصدور قرار إداري يقضي بتعيين موظف في وظيفة معينة، أو تخويله ممارسة مجموعة معينة من الاختصاصات يحددها القانون.
- أما إذا كان محل القرار بالتعديل، كصدور قرار إداري يقضي بترقية موظف في وظيفة معينة، فمحل ذلك القرار هو ترقية ذلك الموظف من درجة إلى درجة أعلى داخل نفس الإدارة أو الهيئة التي يشغلها.
- أما إذا كان بالإلغاء، كصدور قرار إداري يقضي بفصل موظف من وظيفة معينة.
وعلى العموم فمحل القرار الإداري هو تغيير المركز القانوني الذي قصد مصدر القرار إحداثه.
كما أن القرار الإداري لا يكون سليما في محله إلا إذا كان محل القرار مشروعا وجائزا من الناحية القانونية وممكنا من الناحية العملية كما سبق بيانه.
فمن الناحية القانونية، لا يكون القرار مشروعا وجائزا، إذا كان منافيا للمبادئ العامة للقانون وخصوصا منها الدستورية، حيث أن حرمان موظف من إجازته السنوية أو الأسبوعية بدافع العقوبة التأديبية يعتبر معيبا في محله لأن النظام لا يجيز الحرمان من الإجازة كجزاء تأديبي.
ويعتبر عيب مخالفة القانون أهم أوجه إلغاء القرار الإداري وأكثرها شيوعا من الناحية العملية، وهدف القاضي من رقابة محل القرار تهدف إلى التأكد من مدى احترام الإدارة للقواعد القانونية الموضوعية وهي لصيقة بمحل القرار الإداري ومضمونه. كما أن الإدارة تلتزم بالخضوع لجميع الأحكام القانونية سواء الصادرة عن السلطة التشريعية أو القواعد الأخرى أيا كان مصدرها وشكلها.
ومخالفة القانون تكون صريحة عمدية أو تكون عن طريق الخطأ في تفسير القانون أو الخطأ في التطبيق، وتتحقق هذه الحالة الأخيرة عندما يضع القانون قيودا معينة على بعض الحقوق، فتأتي الإدارة بقيود أخرى من عندها، أو تشدد في القيود القائمة، وبذلك تكون الإدارة قد باشرت السلطة التي منحها إياها القانون بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها، كأن يوقع الرئيس الإداري عقابا تأديبيا على أحد العاملين أو الموظفين دون أن يقترف ذنبا يبرر توقيع الجزاء ضده.
ومن الناحية العملية، لا يكون محل القرار جائزا إذا كان هذا المحل غير ممكن التحقيق، فالقرار الصادر بإلزام أحد الموظفين بالعمل طوال اليوم، وبشكل متواصل يعتبر معيبا في محله لصعوبة تطبيقه من الناحية العملية، خاصة إذا كان العمل مرهقا ويستلزم قسطا من الراحة.

5-    الغاية:
ركن الغرض أو الغاية أو الباعث أو الهدف، هو آخر أركان القرار الإداري وهو في ذات الوقت أدقها وأصعبها تحديدا.
فركن الغاية يقصد به الهدف الذي يسعى القرار الإداري تحقيقه، بغض النظر عن الشعور الداخلي لمتخذ القرار، لأن الهدف من ورائه تحقيق المصلحة العامة، في ظل ما تسمح به المشروعية، لأن الهدف من تحديد الغرض أو الغاية من اتخاذ القرار هو حماية الأفراد والجماعات من احتمالات إساءة رجال الإدارة لسلطتهم أو تعسفهم في استخدامها أو محاولتهم لاستغلالها لتحقيق بعض المنافع الشخصية أو الذاتية.
ويطلق فقهاء القانون الإداري على القرارات التي تفتقد إلى هذا الركن بأنها مشوبة بعيب الانحراف، وهو عيب داخلي يتصل بنية متخذ القرار، وغالبا ما يتم إثباته عن طريق الاعتراف الصريح أو من خلال سلوك متخذ القرار.

- انواع و خصائص القرارالاداري


اركان القرار الاداري


- سريان القرار الاداري


هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية