الثلاثاء، 19 يناير 2016

القرار الاداري : انواعه و خصائصه

القرارات الإدارية تشكل وسيلة قانونية مهمة تتوفر عليها الإدارة لتصريف أعمالها ونشاطها لمالها من سلطة لذلك.
والقرار الإداري يعتبر تصرف من جانب الإدارة بموجب سلطاتها المنفردة والملزمة للأفراد، قصد إحداث أثار قانونية أو تعديل التزام أو إنشاءه أو الترخيص بعمل معين أو منعه. كما يرتبط القرار الإداري بحقوق وواجبات الأفراد سواء من حيث المنح أو المنع أو التنظيم، دون أن تلعب إرادتهم في هذا الشأن أي دور باستثناء بعض الحالات.
القرار الاداري في المغرب

وتجدر الإشارة إلى أن تعريف القرار الإداري لم يتناوله المشرع المغربي وترك المجال للفقه والقضاء في تحديد ذلك إسوة بالمشرعين الفرنسي والمصري اللذين تركا الفرصة للفقه والقضاء في تحديد مفهوم القرار الإداري ومختلف جوانبه التنظيمية والقانونية.
و لقد عرفه القضاء الإداري المغربي على أنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين قصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكنا وجائزا وكان الباعث عليه المصلحة العامة .
من هذا المنطلق فالقرار الإداري يكتسي تعريفات مختلفة ومتباينة أحيانا، لكن ما يهمنا أن القرار الإداري يستهدف إحداث أثر قانونية واضح من خلال إصدار الأوامر وفرض الالتزامات والتدخل في صيانة الحقوق وحفظ النظام العام.

1- أنواع من القرارات الإدارية

القرارات الإدارية من حيث تكوينها:
تنقسم القرارات الإدارية من حيث تكوينها إلى قرارات إدارية بسيطة، وقرارات إدارية مركبة.
القرارات الإدارية البسيطة : هي تلك القرارات التي لها كيانها الخاص والمستقل، وأثار قانونية سريعة، وبساطة هذا النوع من القرارات نابعة من كونها قائمة بذاتها، أو غير مرتبطة بعمل قانوني آخر ومن أمثلتها، نجد قرار تعيين موظف واحد في إحدى الوظائف العمومية، أو قرار الصادر بتوقيع عقوبة على موظف بذاته.
 القرارات الإدارية المركبة : فهي تلك التي تدخل في تركيبتها أو تكوينها جوانب قانونية متعددة إذ يتم اتخاذ مثل هذه القرارات عبر مراحل متعددة كنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، إذ أن مثل هذه القرارات –المندمجة- لا تصدر مستقلة بل تصاحبها أعمال إدارية أخرى، قد تكون سابقة أو معارة أو لاحقة على عمل إداري آخر مع وجود صلة الترابط فيما بينها جميعا.
القرارات الإدارية من حيث أثرها بالنسبة للأفراد
يمكن تصنيف القرارات، وفقا لهذا المعيار إلى قرارات إدارية ملزمة للأفراد، وأخرى يقتصر أثرها على الإدارة ذاتها فالقرارات الملزمة للأفراد، هي التي يجبر الافراد على طاعتها قهرا، إذا رفضوا الخضوع لها اختيارا، وهذا هو الأصل بالنسبة للقرارات الإدارية.
أما النوع الآخر، فيقتصر أثره القانوني عن الإدارة، كإعطاء التعليمات والأوامر والمنشورات التي يصدرها رؤساء المصالح, والبيانات التي يتولى الرؤساء الإداريون توجيهها إلى مرؤوسهم لبيان تنفيذ القوانين والمراسيم.
القرارات الإدارية المنشئة والكاشفة:
ويقصد هنا بكل من القرارات الإدارية المنشئة  و الكاشفة ، أن النوع الأول –القرارات المنشئة- هي التي يترتب عليها إنشاء آثار جديدة في عالم القانون ومثال ذلك أن يصدر قرار بتعيين موظف أو فصله تحقيقا للصالح العام، أو الاستغناء عن خدماته أو منح ترخيص وسحبه... فهذه القرارات تولد بذاتها آثارا قانونية لأول مرة.
أما القرارات الكاشفة، يقصد بها تلك القرارات التي لا تستحدث جديدا في عالم القانون بل يقتصر عملها على إثبات أو تقرير حالة موجودة من قبل، وتظهر أهمية التفرقة بين النوعين من القرارات في أن القرارات المنشئة ترتب أثارها منذ تاريخ صدورها، أما القرارات الكاشفة فيرجع إلى التاريخ الذي ولدت فيه الآثار القانونية التي كشف عنها القرار .
القرارات الإدارية من حيث رقابة القضاء:
في هذا الإطار تصنف القرارات الإدارية إلى قرارات إدارية أولية أو عادية، والى قرارات إدارية نافذة، أي التي تتسم بأعمال السيادة.
فالنوع الأول من هذه القرارات، تقوم بها الإدارة بصفتها سلطة قائمة على تنظيم وإدارة المرافق العمومية، لتحقيق المصلحة العامة. وهذا النوع من القرارات يخضع لرقابة القضاء إلغاء وتعويضا.
أما النوع الثاني، والمتعلق بالقرارات القطعية أو النافذة، فهي قرارات نهائية لا يجوز الاعتراض عليها لكونها صادرة عن جهة عليا ذات اختصاص، والقرارات التي تتسم بهذه الصفة، تتجلى في القرارات المتسمة بأعمال السيادة أو أعمال الحكومة "قرارات قطعية"، وعليه نجدها تمتاز بعدم خضوعها لرقابة القضاء، إذ تعتبر قرارات استراتيجية تمس كيان الدولة، وبالتالي لا يمكن إخضاعها لرقابة القضاء .
القرارات الإدارية الصريحة والضمنية:
يقصد هنا بكل من القرارات الإدارية الصريحة والضمنية أن القرار الصريح هو الذي يعبر عنه صراحة سواء بالقبول أو الرفض أما القرار الضمني فلا يتم التعبير عنه صراحة وإنما يستفاد من سلوك الإدارة، والقرارات الضمنية غالبا ما تتم على أساس الاختيار المدرك والمقصود وإن لم يعبر عنها صراحة، ولكنها تستفاد من مظاهر ومؤشرات معينة تنهجها الادارة، كما أن القرار الضمني سواء تعلق بالقبول أو الرفض قد يستفاد من سكوت الإدارة مدة معينة فمثلا عدم الرد على التظلم خلال مدة معينة يعتبر قرارا ضمنيا بالرفض، وعدم الرد على طلب الاستقالة خلال مدة معينة يعتبر قرارا ضمنيا بالقبول.
القرارات الإدارية من حيث مداها أو عموميتها
حسب هذا التصنيف فالقرارات تنقسم إلى نوعين قرارات إدارية تنظيمية ، وأخرى فردية.
فالقرارات الإدارية التنظيمية "هي التي تتضمن قواعد عامة ومجردة تطبق على عدد غير معين وغير محدد من الأفراد. وتكتسي القرارات التنظيمية صيغة التجريد والعموم مما يجعلها تطبق بصورة عامة وعلى مجموعة من الموظفين داخل الإدارة، وهذا النوع من القرارات غالبا ما يتخذ من طرف رئيس الحكومة عن طريق مراسيم تنظيمية أو يتخذ من طرف مدراء المؤسسات العمومية بصفتهم أعضاء في التنظيم وليس بصفتهم الشخصية، لذلك تنعكس آثار القرار التنظيمي على الهيئة الإدارية ككل وعلى نشاطها، ومن حيث القيمة القانونية للمراسيم والقرارات التنظيمية فإنها تشترك مع القانون في انطوائها على قواعد عامة ومجردة، إلا أنه من ناحية القوة القانونية لتلك الأعمال والتصرفات فهي أقل درجة من القانون.
ومن جهة أخرى فالأعمال التنظيمية ينظر إليها في نطاق تنفيذ القوانين وكتنظيم مستقل، فتتمتع الإدارة بسلطة تقديرية في إصدار القرارات التنظيمية، خاصة في الظروف الاستثنائية التي من شأنها أن تهدد استقرار النظام العام بمدلولاته الثلاث، (الأمن والصحة والسكينة)، وفي حال عدم تدخل الإدارة اعتبر القضاء تقاعسها تهربا من التزاماتها القانونية.
وإذا كانت القرارات التنظيمية تعمل على تنظيم الإدارة داخليا، فإن القرارات الإدارية الفردية هي التي "تخاطب فردا أو أفرادا معينين بذواتهم لا بصفاتهم"، وتعرف أيضا على أنها تلك القرارات التي تصدر على فرد معين بذاته ومحدد باسمه، أو على مجموعة من الأفراد معينين بذواتهم ومحددين بأسمائهم في القرار الإداري.  ومثال ذلك القرار الذي يصدر بتوقيف طالب لمدة معينة نتيجة غشه في الامتحان، أو الأمر الصادر بتعيين أحد الموظفين في منصب معين أو بفصله. وهذه القرارات إما أن تكون قرارات شرطية أو شخصية .
وتعد القرارات الإدارية وسيلة من وسائل الضبط الإداري تستخدمها الإدارة لتتمكن من القيام بوظائفها ومباشرة صلاحيتها الموكولة لها قانونا.

2- خصائص القرارات الإدارية
1-    القرار الاداري عمل قانوني
2-    صادر عن سلطة إدارية
3-    عمل قانوني صادر بالإرادة المنفردة للإدارة
4-     يرتب آثار قانونية
5-    يجب أن يكون القرار الإداري نهائيا.
1-    القرار الإداري عمل قانوني:
إن العمل القانوني هو ذلك العمل الذي يرتب آثار قانونية وهنا يجب التفريق بين العمل القانوني والعمل المادي، فالعمل القانوني يرتب آثار قانونية أما العمل المادي فهو تصرف أو عمل إداري لا يرتب إلا آثار مادية، وقد يكون هذا العمل المادي عملا تنفيذيا للعمل القانوني. وهذه الأعمال المادية تستبعد من عداد الأعمال القانونية، كالأعمال التنفيذية للقرارات أو العقود الإدارية، (كهدم المباني الآيلة للسقوط، أو غلق الطرقات أو وضع الحواجز...).
ويشترط في القرار الإداري أن يكون عملا قانونيا منفردا، أي صادرا بإرادة الإدارة وحدها مرتبا للآثار قانونية، وهذا العنصر في القرار الإداري باعتباره عملا قانونيا يتميز عن أعمال الإدارة ذات الطابع المادي كقيام الإدارة بأشغال عامة، فالعمل القانوني يعني في حد ذاته إحداث آثار قانونية خلافا لما يعتبر من الأعمال الإدارية والتي لا تولد الآثار, لذلك فعبارة العمل القانوني تعني عبارة إحداث آثار قانونية لأنهما تتضمنها .
2-    القرار الإداري صادر عن سلطة إدارية:
السلطة الإدارية ليست هي السلطة الوحيدة في الدولة المعنية بإصدار أعمال قانونية، فالسلطتين التشريعية والتنفيذية تصدر أعمال قانونية. وعليه يجب تمييز الأعمال الصادرة عن السلطة الإدارية وتلك التي تصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
فبالإضافة إلى المعيارين الشكلي والموضوعي اللذان سيتم ذكرهما نجد مجموعة من المعايير الأخرى لتحديد طبيعة العمل الاداري عن غيره. 
*
القانون الأساسي المنشئ:
ونعني بذلك أن القانون المحدث للمرفق يحدد لنا طبيعته القانونية كالمرافق العمومية التي يتم إدارتها مباشرة من طرف الدولة.
*
نظام التمويل:
أساس الميزانية إذا كانت مستخرجة من ميزانية الدولة فهي سلطة إدارية ولو لم ينص القانون صراحة على ذلك، إذ يكفي أن تخضع المؤسسة أو الهيئة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات، ومن معايير تحديد السلطة الإدارية نجد كذلك
*
امتيازات السلطة العامة.
*
النظام القانوني الذي يحكم الموظفين.
*
قانون الشغل أو قانون الوظيفة العمومية.
*
معيار الغاية تحقيق المصلحة العامة.
3-    عمل قانوني صادر بإرادة منفردة:
يعد القرار الإداري تعبيرا عن الإرادة المنفردة للإدارة حتى ولو كان العمل صادر عن هيئة جماعية، فإصدار قرار إداري عن هيئة تداولية (قرار وزاري مشترك) لا ينفي الصفة الانفرادية، كما أنها أعمال قانونية يفترض شرعيتها حتى يثبت العكس وأن الإدارة تكون مدعى عليها باستمرار أي أن إجراءات التقاضي بسبب القرار الإداري تبدأ من الأفراد، كما أن الإدارة لها امتيازات تحول دون اعتبارها متقاضيا عاديا، وتتوفر بذلك على امتيازات أخرى تتمثل أساسا في تنفيذ قراراتها بشكل مباشر مع إمكانية استعانتها بالتنفيذ الجبري القائم على الإكراه أحيانا .
4-    القرار الإداري تترتب عنه آثار قانونية:
كل عمل قانوني صادر عن السلطة الإدارية بصفة انفرادية مرتبا لآثاره القانونية يعد قرارا إداريا بغض النظر عن الشكل أو الصيغة التي جاء بها القرار، فقد يصدر على شكل ظهير ملكي أو مرسوم وزاري أو منشور أو مقرر أو قرار أو إنذار... .
وتختلف الآثار القانونية المترتبة عن القرارات الإدارية بحسب موضوعها فقد يرتب آثار ذات طابع عام معني ذلك التأثير على وضع قانوني قائم أو إلغاء هذا الوضع...

5-    يجب أن يكون القرار الإداري نهائيا:
وهذا ما أكده المشرع في النصوص المحددة لاختصاص القاضي الإداري وقد نص قانون المحاكم الإدارية على القرارات الإدارية باعتبارها القرارات التي يجوز أن تكون محلا للطعن بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية، واشتراط أن يكون القرار نهائيا، ويعني صدوره من سلطة تملك حق إصداره دون حاجة إلى مصادقة سلطة إدارية أعلى منها، أو بعبارة أخرى هو القرار الذي يكون نافذا إثر صدوره دون حاجة إلى تصديق أو مصادقة سلطة أخرى.
وقد أوضحت أحكام القضاء الإداري عن المراد من نهائية القرار "يكون صادرا من سلطة إدارية مختصة بإصداره دون حاجة إلى المصادقة عليها من سلطة أخرى" .

- انواع و خصائص القرارالاداري


اركان القرار الاداري


- سريان القرار الاداري



ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية